مولد يا دنيا

مولد يا دنيا

مصرس - بتاريخ 23/02/2010 - قسم الثقافة - صفحة - بقلم ايمان عبد الفتاح - رشا ابراهيم

مولد يا دنيا 

ايمان عبد الفتاح   - رشا ابراهيم
   
يوم 23 - 02 - 2010


" كل عام وأنتم بخير".. اقترب موعد الاحتفال بالمولد النبوى الشريف ولذلك أقامت الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية بالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية معرضاً بعنوان "موالد مصر" ضم العديد من الصور الفوتوغرافية التى توثق لعدد من الموالد وعلى رأسها المولد النبوى فما هى قصة احتفال المصريين بالموالد؟ 
يرجع بعض الباحثين أصول الموالد فى مصر إلى العصر الفرعونى، فقد كان الفراعنة يحتفلون بالآلهة ويجعلون عيداً لظهورها كما كانوا يهتمون بإقامة العديد من الطقوس والتقاليد فى أعياد جلوس الملك على العرش وعيدى الحصاد ووفاء النيل ومن ثم فقد ورث عنهم المصريون ذلك الاهتمام بطقوس الاحتفالات الدينية فيما بعد.. وقد اتفق معظم الباحثين على أن أول من احتفل بالموالد فى الإسلام هم العبيديون "الفاطميون" الذين جاءوا إلى مصر من بلاد المغرب على يد قائدهم "جوهر الصقلى" والذين كانوا ينسبون أنفسهم إلى السيدة "فاطمة الزهراء" ابنة الرسول الكريم حيث كانوا يهتمون بالاحتفال بستة موالد "مولد الإمام الحسين، مولد السيدة فاطمة الزهراء،
مولد الإمام على، مولد الإمام الحسن، مولد الرسول وأخيراً مولد الخليفة الحاكم للبلاد" كما كانوا يقومون ببناء المزارات والقباب على القبور ويذكر أن الخليفة الفاطمى "المعز لدين الله" هو أول من أقام احتفالاً بالمولد النبوى الشريف فى محاولة منه لإستمالة قلوب المصريين، وقد حارب الأيوبيون تلك الاحتفالات والتقاليد الفاطمية فى فترة حكمهم للبلاد إلى أن عاود المصريون الاحتفال بتلك الموالد فى عصر المماليك ويذكر أن السلطان المملوكى "قنصوة الغورى" الذى اتسم بالبذخ والترف كان يقيم احتفالاً ضخماً ابتهاجاً بالمولد النبوى حيث كانت تنصب قاعة. ضخمة بخيمة كبيرة فى وسطها قبة على أربعة أعمدة مرتفعة وتزين بالأوانى والطاسات النحاسية ليجلس على رأسها السلطان الغورى ومن حوله القضاة والأمراء وأعيان البلاد والقراء والوعاظ وتبدأ الاحتفالات بمد الأطباق الحافلة بمختلفة أنواع الأطعمة والمشروبات ويتبارى المنشدون فى المدائح النبوية. كما كان نابليون بونابرت كذلك حريصاً على إقامة الاحتفالات ابتهاجاً بالمولد النبوى حرصاً منه على استمالة قلوب المصريين إلى الحملة الفرنسية وقوادها فقد ذكر المؤرخ "عبدالرحمن الجبرتى" الذى عاصر الحملة الفرنسية على مصر أن "بونابرت" قام بإرسال 300 ريال فرنسى إلى منزل الشيخ البكرى "نقيب الأشراف فى مصر" لإقامة الاحتفالات بالمولد النبوى بعد أن أرسل اليه الطبول الضخمة والقناديل.
معرض موالد مصر
حدثنا عن معرض "موالد مصر" الذى أقامته الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية ببيت السحيمى المسئول عنه "د. نبيل بهجت" أستاذ المسرح بكلية الآداب جامعة حلوان قائلاً: "الموالد كظاهرة لفتت انتباه العديد من الباحثين والرحالة وجاء وصفها فى أكثر من مرجع إلا أنه لم يهتم أحد بفكرة التوثيق المصور عدا مجموعة قليلة جداً، ولذا فقد جاء هذا المعرض الذى ضم مجموعة من الصور الفوتوغرافية ليلقى الضوء على عدد من الموالد الإسلامية والقبطية بمختلف أنحاء الجمهورية كأحد أهم مظاهر الاحتفالات الشعبية المصرية المتوارثة من قديم الزمان والتى يمكن الاستفادة منها اقتصادياً حيث تعد تلك الموالد بمثابة كرنفالات مسرحية،
فمثلاً زفة المولد النبوى التى تبدأ من بعد صلاة العصر من أمام جامع الجعفرى لتنتهى عند جامع الحسين والتى تشهد العديد من الاحتفالات الليلية المتمثلة فى الذكر والإنشاد تعد عرضاً مسرحياً مكتمل الجوانب ففيها من يقوم بدور المخرج كقائد الموكب، وفيها من يقوم بدور السقا وغيره ولذا فلابد من إعادة توصيف وتوظيف تلك الموالد فى سياق احتفالات وكرنفالات سنوية تعمل على جذب السياح لنستفيد منها اقتصادياً بعيداً عن ربطها بأية اتجاهات أو معتقدات دينية والعمل على تنظيمها بطريقة جمالية وحضارية. ويستكمل "د. نبيل" حديثه قائلاً: "لقد قمت منذ ما يقرب من ست سنوات بتصوير أكثر من خمسة آلاف صورة فوتوغرافية لتوثيق الموالد فى مصر وسوف يصاحب المعرض هذا العام العديد من الاحتفالات ببيت السحيمى، فهناك حفلات أسبوعية لفرقة النيل للآلات الشعبية وسوف تكون هناك عروض شعبية للأراجوز وخيال الظل بالإضافة إلى ملتقى العروسة الشعبية الرابع الذى سيضم عدداً من عرائس المولد النبوى، ويرصد المعرض حالات الأسواق المصاحبة للموالد والتى تعد حالات استثنائية للتجارة وتمثل أحد أهم الموارد لبعض الفئات حيث تتبع الموالد مؤسسة اقتصادية متمثلة فى القائمين على الألعاب والأسواق التى تبيع المأكولات والمشروبات، وعن أشهر الموالد المصرية يقول: "هناك موالد كثيرة مثل مولد الحسين والسيدة نفيسة والسيدة زينب والسيد البدوى كما توجد موالد كثيرة للأقباط مثل مولد "مارى جرجس" الشهير و"كل عام وأنتم بخير".